درج الشعب المصري على استقبال شهر رمضان المبارك بالفرح والسرور والابتهاج بشهر الصيام والقيام، شهر صيانة النفس البشرية وإعادة ضبطها لما خلقت له.. شخصيا عشت فرحة حارة السقايين ودروبها بشهر رمضان واستقباله بالزينات والكهارب التى تعلق على كل المبانى بما فى ذلك كنيسة الملاك غبريال رئيس الملائكة .. واستقباله بنصبات صنع الكنافة والقطايف والفوانيس المعلقة على أبواب البيوت وفى الشرفات.. وأيضا استقباله بتنظيم الدورات الكرويةالرمضانية.
وعشت فرحة عابدين كلها عندما كانت تشهد الاحتفال برؤية هلال رمضان والذى كان يقام فى سرادق ضخم أمام قصر عابدين.. ومن عابدين كانت تنطلق البشارة لكل عموم مصر من السلوم حتى بورسعيد ومن أسوان حتى جنوب سيناء، ثبتت الرؤية وغدا أول ايام شهر رمضان.. كان الإعلان عن ثبوت الرؤية يصاحبه إطلاق الزغاريد في شوارع وحارات وأزقة ودروب عابدين.. كان رمضان يعنى لكل الشعب المصري الفرحة والابتهاج والاستبشار بشهر الخير وشهر الكرم وشهر صلة الأرحام.
تلك الذكريات والمشاهد داعبت أفق خيالى وأنا أتابع ما يمكن أن نسميه حالة القلق العام لدي الناس من استقبال رمضان هذا العام، بسبب موجات الغلاء غير المسبوقة وبسبب التوقعات المرئية التى ترجح ارتفاع أسعار كل السلع خلال رمضان القادم من علبة الزبادي لزوم السحور إلى طبق الفول المدمس ووصولا إلى أسعار اللحوم والطيور بأنواعها.
وهذا القلق شبه العام والتخوف من الأحوال خلال شهر رمضان جعل البعض يتساءل هل سنستطيع دعوة أهلنا وأصدقائنا على الإفطار كما جرت العادة؟!
وهل سيشهد رمضان القادم موائد الرحمن التى ينظمها ويمولها أهل الخير وتفرج على الكثير من الضعفاء ورقيقى الحال؟!
ويسأل البعض: تري هل سيسمح التضخم الذى وصل إلى أرقام قياسية بإعداد وتجهيز شنط أو كراتين رمضان التي توزع على محدودي الدخل كنوع من المساعدة والدعم لهم فى رمضان؟!
شخصيا أتمنى أن يشهد رمضان القادم أكبر تحدي للتضخم والظروف الاقتصادية.. أتمنى أن تنتشر موائد الرحمن حتى لو تكاتف عصبة من الرجال الخيرين لتنظيمها، وحتى لو تكاتفت عدة أحياء لتنظيمها.. وأتمنى أن يحرص كل قادر على وصل أرحامه ودعوة من يستطيع من أقاربه وأصدقائه وجيرانه على الإفطار.. وأتمنى أن نتمسك بفضيلة إطعام الطعام ونتمسك بوصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ومن كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له.. وأتمنى ألا ننسى الفضل بيننا.. وأتمنى أن تقوم كل أجهزة الدولة بأقصى ما تستطيع لإدخال الطمانينة لنفوس كل أبناء الشعب وكبح جماح الأسعار.
وأتمنى أن نقول جميعا رمضان جانا أهلا رمضان بكل الفرح والسرور والاطمئنان والثقة فى كرم أكرم الأكرمين، وأن نتخلى عن التوجس والخوف من رمضان ولا نقول ونحن نرتعد كما فى العنوان: آه.. رمضان.
--------------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج